الرائحة العطرة للصنوبر تملأ المكان، مع إبره المتناثرة حول الهدايا. تثير أشجار عيد الميلاد المقطوعة حديثًا ذكريات دافئة من أعياد الميلاد الماضية، بينما تظل الأشجار الاصطناعية جزءًا من الاحتفال لعقود، متطورة من أشجار معدنية صغيرة إلى أشجار بلاستيكية واقعية بشكل مذهل.
شهدت العقود الأخيرة تحولاً ملحوظاً نحو الأشجار الاصطناعية، حيث تصدرت المملكة المتحدة هذا الاتجاه، إذ يخطط 61% من البالغين هناك لتزيين منازلهم بشجرة اصطناعية، مقابل 20% فقط يفضلون الشجرة الحقيقية.
وفقاً لاستطلاع أجرته Statista Consumer Insights لعام 2024، يتوقع أن يحتفل المزيد من الأمريكيين بالأشجار الاصطناعية، حيث بلغت النسبة 46% مقابل 26% للأشجار الطبيعية.
الأشجار الاصطناعية في الاحتفالات: لماذا أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تقاليدنا؟
نشأت الأشجار الاصطناعية في ألمانيا، تمامًا كما هو الحال مع الأشجار الحقيقية، ولكنها كانت نتيجة لضرورة ملحة. ويشير كريس كاسيو، أمين متحف هاجلي ومكتبة، إلى أن "الأشجار الطبيعية كانت تعاني من مشكلات، مما دفع المخترعين للبحث عن حلول لتحسين الوضع وكسب المال".
خلال القرن التاسع عشر، عانت ألمانيا من مشكلة إزالة الغابات، مما أدى إلى نقص في أشجار عيد الميلاد الطبيعية. لمواجهة هذا الوضع، قام الألمان بابتكار أشجار عيد الميلاد الخاصة بهم عن طريق استخدام قضبان معدنية كفروع، وزينوا هذه الأشجار بريش الطيور، مع طلاءها باللون الأخضر. هذا الابتكار لشجرة عيد الميلاد الاصطناعية انتشر لاحقًا إلى إنجلترا والولايات المتحدة ودول أخرى تحتفل بعيد الميلاد.
مع تزايد المخاوف من حرائق المنازل الناتجة عن الأغصان الجافة، بدأ المواطنون في مختلف أنحاء العالم في التعبير عن قلقهم. وفي عام 1899، دعت صحيفة مينيابوليس تايمز إلى ضرورة وجود مخترع يبتكر شجرة عيد ميلاد مصنوعة من الأسلاك، قادرة على تقديم هدية لكل فرد من العائلة وتكون آمنة تمامًا من الحرائق.
منذ عام 1882، كان المخترعون يسعون لتطوير الشجرة الصناعية، حيث حصل أوغست وينجنروث من تروي، نيويورك، على أول براءة اختراع أمريكية في هذا المجال. ويعتبر وينجنروث جزءًا من مجموعة واسعة من المبتكرين الذين كانوا يعملون على هذا النوع من الابتكارات.
قام المخترعون الأوائل بابتكار أشجار مزيفة باستخدام مجموعة متنوعة من المواد، حيث تم تصنيع جذوع من الخشب أو المعدن قادرة على حمل فروع حقيقية مقطوعة أو لمسات صناعية مثل أوراق الشجر الخضراء المصنوعة من رقائق الألمنيوم. كما تم تصميم أشجار من شعر معاد تدويره أو فرشاة مراحيض سلكية، بالإضافة إلى أشجار "التينسل" المصنوعة من الألمنيوم التي يمكن إضاءتها بواسطة عجلة ملونة تتغير ألوانها أثناء دورانها.
مع تراجع الستينيات وابتعاد الألمنيوم عن السوق، بدأ الاهتمام يتزايد بالأشجار الواقعية، وكان هناك رجل واحد مستعد لمواجهة هذا التحدي: الطيار السابق في الحرب العالمية الثانية، سي سبايجل. كان سبايجل يعمل كميكانيكي في شركة أمريكان برش ماشين، التي حاولت لسنوات عديدة إعادة استخدام فرشها لأشجار عيد الميلاد دون جدوى، حتى تمكن سبايجل من استخدام الأشجار الحقيقية كنماذج وأتقن العملية أخيرًا.
حصل سبايجل على قسم خاص به في الشركة، أطلق عليه اسم "أمريكان تري آند ويرث"، وفي السبعينيات، كانت الشركة تنتج 800,000 شجرة سنويًا، أي بمعدل شجرة واحدة كل أربع دقائق. ويشير كاسيو إلى أن "الأمر لم يقتصر على تصميمه للآلات التي تنتج شجرة بجودة أعلى وبسرعة وبتكلفة أقل، بل كان ذلك في الوقت المناسب تمامًا - عندما كان الأمريكيون في حاجة لذلك".
في نقاش مستمر حول الاستدامة، يتساءل الكثيرون أيهما أكثر صداقة للبيئة: الأشجار الحقيقية أم الاصطناعية؟
يدعي البعض أن المقارنة يجب أن تشمل بصمة الكربون للأشجار الحقيقية مقابل الأشجار الاصطناعية التي يمكن استخدامها لسنوات عديدة. ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن الكربون هو جزء فقط من هذه القصة المتعلقة بعيد الميلاد.
رائحة الصنوبر الخالدة: كيف تثير أشجار عيد الميلاد ذكريات العطلات الماضية أشجار عيد الميلاد الطبيعية مقابل الاصطناعية: أيهما يثير ذكريات العيد أكثر؟ من الإبر المتساقطة إلى الروائح العطرة: استكشاف سحر أشجار عيد الميلاد تطور أشجار عيد الميلاد: من المعدن إلى البلاستيك، كيف تغيرت تقاليد العيد رائحة العيد: كيف تساهم أشجار عيد الميلاد في خلق ذكريات لا تُنسى
0 تعليقات