حروب الزمن الغابر .. الحيثيون أعظم الشعوب المقاتلة من الزمن القديم

الحيثيون

يعود أصل الحيثيين إلى جبال منطقة أوكرانيا حالياً، قرب البحر الأسود. بحلول العام 1900 قبل الميلاد أقام الحيثيون المملكة الحيثية في (الأناضول). 


ومن هناك بنو إمبراطورية استمرت لألف عام، وامتدت من بحر إيجة إلى بلاد بين النهرين.


كان الملوك الحيثيون قادة عسكريين، لكنهم حتى يصبحوا ملوكاً عليهم أولا أن يكتسبوا الخبرة في المعارك. وقد دُرّب أبناء الأرستقراطيين والعائلة الملكية على القتال منذ صغرهم، أما الجنود العاديون فقد تطوعوا في الجيش متوهمين بقدرتهم على تقلد المناصب فيه. كان المجتمع الحيثي مجتمعاً إقطاعياً، يعمل التابعون فيه ضمن أراضي أسيادهم.

غير أنه إذا انضم هؤلاء العمال إلى الجيش فسوف يكافئون بدخل جيد وبحصولهم على أراضي لقاء خدماتهم، وهكذا ساعد الجنود على توسيع رقعة الإمبراطورية، وحصلوا على جزء منها، كما ساعدوا أنفسهم وعائلاتهم.


في العام 1274 قبل الميلاد، وثّق الحيثيون سمعتهم بكونهم مقاتلين عظماء عبر هزيمتهم للمصريين. فقد تحرك الفرعون المصري (رمسيس الثاني) لمواجهة تهديدات الحيثيين والذين تقدموا وقتها نحو لبنان وفلسطين. التقى الجيشان، الحيثي والمصري، وجهاً لوجه في مدينة (قادش) على نهر العاصي.


وعلى الرغم من التفوق العددي للجيش المصري بـ 35 ألف جندي مسلح مقابل 20 ألف رجل من الحيثيين، فقد خرج الحيثيون منتصرين من تلك المعركة، وقد حدث ذلك لثلاثة أسباب رئيسية وهي: تنظيم القوات الحيثية، امتلاكهم عربات حربية مجهزة، واستخدامهم للحديد في اسلحتهم.


عدا عن التجهيزات التي امتلكها الحيثيون، فقد عدلوا أسلوب قتالهم وفقاً لطبيعة أرض المعركة. فالتكتيكات والأسلحة كانت تختار تبعاً للظروف، وكذلك تنظيم وحدات الجيش والتي كانت محوريةً جداً في نجاحهم. وقد تشكل الجيش الحيثي من المشاة، رماة الأسهم، والعربات الحربية، كلهم منظمين عبر خطوط مكونة من عشرة رجال في كل صف وبعمق عشرة رجال أيضاً.


هذه الوحدات الصغيرة كانت سهلة الانتشار، مما حقق أقصى صدمة للعدو خلال الهجوم.

تمثّل دور العربات الحربية كمدرعات، فقد كانت العربات عريضة بحيث تقدر على حمل السائق والمقاتل بالإضافة إلى درع قوي في مقدمتها لحمايتها خلال المعركة، والذي مكّن العربات من مواجهة المشاة في المسافة القريبة. كان هذا التكتيك جوهرياً في تحقيق النصر على المصريين في (قادش).


بالإضافة إلى عرباتهم المدرعة فقد كان لاستخدام الحيثيين الحديد في أسلحتهم دوراً بارز في تفوقهم. استخدم الحديد في نهايات العصر البرونزي وقد كان الحيثيون عليمين به.

لذلك عوضاً عن استخدام الأسلحة البرونزية الهشة فقد استبدلوها بالحديدية مما رجح كفتهم على باقي الجيوش.


لم يكتف الحيثيون بكل ما سبق فقد استخدموا تكتيكاً آخر لإضعاف أعدائهم وهو “الحرب البيولوجيا”، فقد أشارت سجلات تناولت معاركهم إلى دسهم ماشية مريضة في أراضي العدو قبل غزواتهم مما كان يسبب الأوبئة للسكان.


التقارير وصفت الأعراض بتقرحات جلدية وفشل رئوي، وقد اقترح الدكتور (سيرو تريفيستانو) أن يكون هذا الوباء هو “حمى الأرانب” أو ما يعرف طبياً باسم “تولارميا”. لكن في نهاية الأمر قد يكون هذا الداء هو ما سبب النهاية للحيثيين أنفسهم حين وقعوا ضحية له.

إرسال تعليق

0 تعليقات