حروب الزمن الغابر الأكاديون من أعظم الشعوب مقاتلة من الزمن القديم

قبل أكثر من 10 آلاف عام، تحاربت مجموعة من البشر المتنافسين عند شواطئ بحيرة (توركانا) في وادي كينيا. هذا الحدث كان الشكل الأول للحروب في تاريخ البشرية. ومنذ ذلك الحين أوجدت البشرية، باستمرار، طرقاً جديدة لحل النزاعات القائمة حول الأراضي والثروات يهدف إثبات القوة أو بقصد الطمع الخالص.


بين الألفية الرابعة قبل الميلاد والقرن الرابع بعد الميلاد اعتمدت العديد من الشعوب على قوتها العسكرية كأسلوب حياة ووسيلة لضمان استمراريتها، فكانت تكتيكاتها وأساليبها المبتكرة في الحروب سبباً لبناء إمبراطورياتها وتكوين السمعة المخيفة حولها باعتبارها ثقافات وشعوباً مقاتلة ذات سطوة. في هذا المقال نستعرض ثمانية شعوب اعتمدت على الحروب والقتال لكتابة اسمها عبر التاريخ.


الأكاديون

كانت بلاد ما بين النهرين مهد الحضارة، لذلك لا عجب في كونها موطن ولادة الحروب المنظمة، فقد أتقن السومريون القدامى الحرب والغزوات، كإتقانهم لبناء المدن، وإنشاء الديانات، والتجارة، غير أنها استغرقتهم عدة حضارات متعاقبة للاستفادة منها بالشكل الأفضل. ففي الألفية الثالثة قبل الميلاد، طوّر الأكاديون أول جيش نظامي، وأنشأوا أول نظام عسكري، كما أسسوا أول إمبراطورية حقيقة في العالم، دامت هذه الإمبراطورية لقرنين من الزمن وامتدت عبر كامل ما يعرف اليوم بالشرق الأوسط.


بدأت الإمبراطورية الأكادية في منطقة أكاد، شمال المدن السومرية. كان الأكاديون من الشعوب السامية والتي تبعت الشعوب السومرية المسيطرة آنذاك. غير أن ذلك تغير حين جاء رجل يدعى (سرجون)، والذي كان الساقي الخاص بـ(أور زبابا) ملك المدينة السومرية (كيش). وقد نال (سرجون) ذلك المنصب بكل جدارة، غير أنه علم، باعتباره من الشعب السامي، أن ذلك أقصى منصب يمكن أن يناله، فقرر عدم الرضوخ لذلك.


بدأ (سرجون) خطته عبر الإطاحة بسيده ونصب نفسه ملكاً مكانه. لكنه أدرك أن بقائه قوياً في السلطة يتطلب منه إزاحة أعدائه المحتملين. فقرر أولاً التوجه لمحاربة السومريين. خلال حملته، هاجم (سرجون) المدن السومرية المتتالية، وقتل كل قادتها حتى وحّد كل منطقة ما بين النهرين تحت حكم العاصمة (أكاد). عبر تاريخ حكمه الممتد لخمسين عام، أقام (سرجون) 34 حرباً، واتخذ لقب “العظيم”، كما أورث إمبراطوريته لخمسة أجيال متعاقبة من عائلته. فكيف حقق (سرجون) هذا كله؟


أول خطواته بدأت بتأسيس جيش منظّم وقوي، لا عمل لأعضائه سوى احتراف اساليب القتال في الجيش، وهو ما لم يكن لدى السومريون آنذاك، فقد كان السومريون يدعون شعبهم إلى الجيش عند الحاجة إلى ذلك. وكان تعداد جيش (سرجون) الرئيسي 5400 رجلاً شكلوا قوته الموثوقة. غير أن (سرجون) لم يكتف بذلك فقد اتبع سياسة ذكية في التجنيد، إذ حكم على المدن التي يغزوها أن تشارك بعدد من الجنود في الجيش الأكادي.


وعلى العكس من السومريين، فقد شكل (سرجون) قواته من مختلف المناطق ولم يقم بفصلهم تبعاً للمنطقة التي ينتمون إليها. كان (سرجون) يوزع جنوده بتشكيل الصف الواحد وبعمق ستة رجال في الخط. أما بالنسبة للعربات الحربية، التي كانت بطيئة وعرضة للخطر، فقد استخدمت لأغراض النقل فقط. غير أن الثورة الحقيقة في جيش أكاد حدثت في عهد (نارام سين)، حفيد (سرجون)، والذي أوجد سلاحاً أعطى الأكاديين الأفضلية في الحروب. كان هذا السلاح هو “القوس المركب”، كان هذا القوس مصنوعاً من الخشب، إضافة إلى قرون وجلود الحيوانات، مصهورة سوية لإعطائه صلابة إضافية، مما مكنه من إطلاق السهام لمسافة الضعفين بمقابل الأقواس العادية.

إرسال تعليق

0 تعليقات